لمحات من سرديات تطور الفن في الخليج العربي.
يقدّم معرض «الفن عبر الخليج العربي» أكثر من 150 عملاً فنيًّا لأكثر من 70 فنانًا من الروّاد في دولة الكويت، ومملكة البحرين، ودولة قطر، وسلطنة عُمان، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، مستعرضًا مرحلة تأسيسية في تاريخ الفن الحديث بالمنطقة تمتد من خمسينيات القرن العشرين حتى تسعينياته. يُبرز المعرض ممارسات فنية رائدة أسهمت في صياغة الهويات البصرية الوطنية، وفتح حوارات ثقافية عابرة للحدود، واستعادة سرديات لم تحظَ بالتوثيق الكافي.
وقبل تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، كان الفنانون في هذه الدول قد بدأوا بالفعل بتشكيل لغات بصرية متجذّرة في البيئة المحلية والتقاليد والذاكرة الثقافية و تراث البحارة و التجريد والتجريب. منذ خمسينيات القرن الماضي، عكست أعمالهم مشاهد الحياة اليومية والعمارة التقليدية والعادات الاجتماعية، في محاولات تجمع بين التعبير عن الواقع المحلي وملامح التجربة الخليجية المشتركة. ومع التحولات العميقة التي رافقت الطفرة النفطية وحركة التحديث في الستينيات والسبعينيات، حيث انشغل الفنانون بإعادة تعريف السرديات الوطنية وصياغة مفردات جمالية جديدة تصل بين الإرث والتجديد.
وفي خضمّ التحوّل العمراني المتسارع، عبّر الفنانون عن توتر العلاقة بين الحداثة والتقليد، مستلهمين من الفلكلور والرواية الشفوية ما يُعيد طرح أسئلة الهوية والانتماء في سياقات معاصرة. كما يبرز الخليج العربي ذاته، بما يتجاوز كونه موقعًا جغرافيًّا، بوصفه رمزًا ثقافيًا وفضاءً مشتركًا للتجارب الإنسانية، حيث تتقاطع فيه ذاكرة التجارة والغوص والهجرة لتشكّل الوجدان الجمعي للمنطقة.
من خلال هذا المعرض الذي يضم أكثر من مئة وخمسين عملاً فنيًّا لروّاد الفن في الخليج، يُعيد «الفن عبر الخليج العربي» قراءة الأسس التي قامت عليها الحداثة الفنية في المنطقة، محتفيًا بجيلٍ من الفنانين الذين أسهموا في بناء المشهد الثقافي في الخليج العربي.